وتحمل اسم عيون المعاصرة، تعتبر الرواية معالجة فنية لاستشراء ظاهرة الفساد وآليات تكوّن الرأي العام، كرست الفساد والتخلف وفق ما أدخلته على المدينة من تحولات ألحقت بالحياة اليومية الكثير من الخراب. وتحمل الرواية إسقاطات على عالمنا العربي وبعض حالات الفساد، فحين تفوح روائح أخرى تبدو خافتة في البداية، لكنها سرعان ما تزكم الأنوف، وهنا يضع الكاتب اصبعه من خلال «شخصية المؤرخ الحزين»، على موضع الوجع «عائلة صالح قاسم المتنفذة وفساد أولاده»، موحياً من خلال السخرية القاتمة أحياناً بأن «الوعي» وحده المخلص، وأن السلطة التي تحاول أن تزج المدينة في أشكال حضارية هشة وكاذبة، إنما تضع هذه المدينة أمام أقبح احتمالات التردي.ولكن عن أي مدينة يتحدث الكاتب؟هي مدينة ليس كمثلها في القرى مدينة،مدينة لم يذكر المؤرخون اسمها فيها الكثير من الروائح،روائح النحاس والبلاستيك،روائح الأعواد في الأفران،البخور،وروائح الطعام،والمزابل والدجاج والعقارب. يأتي الكاتب في هذا الكتاب على ذكر بعض من معالم المدينة حيث كان فيها ثلاثة جوامع،الجامع الأول بناه البايات في العهد العثماني،والثاني في وقت الإستعمار،أما الجامع الثالث فقد بنته دولة الإستقلال والسيادة.لكن سكان هذه المدينة يُفضلون الصلاة في الجامع القديم، إذ لا رائحة لهذه الجوامع كالجامع القديم. لكن أعمال صيانه ستقام لهذا الجامع القديم لاستصلاحه، وهذا ما سيثير سخط الناس وبعد ذلك لن يصلوا لا في هذا الجامع ولا غيره لا في أيام الجمع ولا غيرها.