لقد صارت آبار النفط لأهل الصحراء هاوية بلا قاع بالفعل يوم أصابت في أهل هذا الوطن البكر (الصحراء) بالشلل, شلل الروح قبل شلل البدن, فالنعمة التي لا تلبث أن تتحول نقمة بالاسترخاء لم تقتل في الناس غريزة حب العمل فحسب, ولكنها زعزعت في نفوسهم القيم الأخلاقية, لقد استطاع نزيف الأرض (المسمى نفطاً) أن يجلب على رأس أهل الأرض اللعنة, لأن هذا السائل لم يكن يوماً نفطاً, ولكنه دم أمنا الأرض واستخراجه هو انتهاك لجوف هذه الأم, وتدنيس لروحها المقدسة. وقد تجلى هذا القصاص في عدة آيات, منها الاستهانة بأرواح كائنات هذه الارض التي كانت بالأمس جزءاً لا يتجزأ من مجتمع هذا الإنسان إلا وهي الأنعام البرية والنباتات الصحراوية وآثار الأسلاف المحفورة على جدران الكهوف منذ آلاف السنين, وكذلك استنزاف المياه الجوفية التي لم تكن قبل ذلك اليوم مياهاً ولكنها كانت للأجيال دائماً حياة وشرط وجود..